قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء Untitl14


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء Untitl14

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
إعلان هــام : تعلن إدارة منتدى الحياة بحاجتها لمشرفين للمنتدى علماً أن شروط الإشراف ***ان يكون نشيطاً في جميع الاقسام بالمشاركات والردود *** أن لا تقل مشاركاته عن 200 مشاركة أو ما تراه الإدارة مناسباً *** ان يكون دائم التواجد والتفاعل ***ان يجعل من المنتدى صفحته الاولى لدخول النت دائماً وباقي الشروط هي عادية جد *** فمن يجد الكفاءة في نفسه على هذه المهام التواصل معنا على الخاص وبارك الله فيكم ..

2 مشترك

    قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء

    GeNeRaL
    GeNeRaL
    عضو فضـي
    عضو فضـي


    المشاركــــــــــات : 252
    عــدد النــقـــــــاط : 26451
    السُمعـــــــــــــــة : 0
    العــــــمــــــــــــر : 28
    الجــــنــــــــــــس : ذكر
    تاريخ التسجيـــــل : 06/02/2010

    قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء Empty قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء

    مُساهمة من طرف GeNeRaL الإثنين 29 مارس 2010 - 16:47

    [b]][/size]size=24][b][center]هذه المقتطفات من الدراسة التي قمت باعدادها( يحيى عوض) في بحث الماجستير وهي بعنوان قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء

    ب-قيمة الحياة Life's value :

    لا تحسبوا أني أخاف الزمان *** أو أرهب الموت إذا الموت حان
    الموت حق لست أخشى الردى *** وإنما أخشى فوات الأوان
    "عمر الخيام "
    مقدمة
    لقد حظي مفهوم قيمة الحياة باهتمام كبير في مجالات الحياة المتعددة، فهي من أكثر المفاهيم التي تعمل على تطور الحياة وتقدمها ، فحياة الإنسان مقرونة بالقيم الحميدة،موصلة إلى بر الأمان في الدنيا قبل الآخرة ، فقد شاع استخدام مفهوم قيمة الحياة كأحد مؤشرات الدلالة على نظرة الإنسان للحياة إيجابًا أم سلبًا،وما يترتب عليه من شعوره بالسعادة أو الشقاء ويحدد مستوى فعالية الإنسان في الحياة وشاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يخلق الإنسان عابراً رحلة الحياة من خلال العديد من الأطوار، فهو القائل سبحانه وتعالى:
    {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}(سورة الروم آية 54).
    يقول فرانكل إن قلب الإنسان لا يجد سبيلاً إلى الراحة إلا إذا وجد في هذه الحياة معنى وهدفاً يعمل على تحقيقهما(إيمان فوزي ،2001: 78).
    ويضيف فرانكل إن البحث عن معنى الحياة لا يمكن أن يؤخذ على أنه علاقة مرضية أو دليل على اللاسوية ، وإنما هو بالأحرى أصدق تعبير عن الوجود الإنساني هو العلاقة الأكثر جوهرية في الطبيعة الإنسانية.( Frankl, 1966)

    وعند الحديث عن معنى الحياة أو قيمة الحياة ، قد يتبادر إلى الذهن أن الحياة بها من السعة والتعقيد واللانهائية بحيث لا يسهل الاهتداء إلى معنى أو ( معان محددة ) تنسب إليها، ويجب الإشارة هنا أولاً إلى بعض التعريفات التي تناولت قيمة الحياة .
    وقبل أن نورد تعريفات لقيمة الحياة ، يجب الإشارة إلى أن هذا المفهوم وتعريفه يتغير بتغير الزمان والمكان، وكذلك فإن المتخصصين في المجالات المختلفة ، قد أوردوا تعريفات متباينة لقيمة الحياة ، فكمينز Cummins يقول : إن تغير مفهوم قيمة الحياة يتغير بتغير الزمان والمكان وبتغير حالة الفرد النفسية والمرحلة العمرية التي يمر فيها (Cummins,1994).وكذلك إن هذا المفهوم يتأثر بالمتغيرات الثقافية ( العادات –التقاليد – المعتقد -…..الخ ((Barry,1993.وعلى ذلك فإن من العلماء من حدد مفهوما معينا لقيمة الحياة .
    مفهوم قيمة الحياة :
    مقدمة
    قد يواجه الباحثين والعلماء صعوبات عدة في الوصول إلى تعريف محدد ومتفق عليه لقيمة الحياة ويعد تحديد مفهوم لقيمة الحياة من المهام الصعبة وذلك لعدة اعتبارات منها :
    - تعدد المحالات التي يظهر فيها مفهوم قيمة الحياة فهو العمل والسعادة والحب والرضا عن الحياة وتقدير الذات و.... إلخ.
    - أن المفهوم يتأثر بالمتغيرات الثقافية (العادات – التقاليد – المعتقدات-...إلخ) .(Barry,1993)
    - أن المختصين في كل مجال من المجالات العلمية المختلفة احتكر التعريف له وبما يتناسب ومبحثه العلمي .
    - عدم وجود نظرية محددة لقيمة الحياة .
    - تغير مفهوم قيمة الحياة بتغير الزمان والمكان وبتغير حالة الفرد النفسية والمرحلة العمرية التي يمر فيها(Cummins, 1994).
    وبالرغم من هذه الصعوبات إلا أن بعض العلماء أورد تعريفا محدداً لقيمة الحياة نذكرها فيما يلي :-
    1- عرف جود “Goode” قيمة الحياة بأنها درجة استمتاع الفرد بإمكانياته الهامة للحياة وإحساسه بأن لحياته معنى(جود،1994 :63).
    2- وعرفها جيانينانس “Giannias” هي المتوسط الوزني لمجموعة وسائل المتعة والرفاهية التي تجعل لحياة الإنسان قيمة .(Giannias, 1998).

    3- أما فيلس Felce وبيري " فقدما نموذجاً متكاملاً لقيمة الحياة تتكامل فيه المؤثرات الموضوعية والذاتية للمدى الواسع لمجالات الحياة، ويتضمن هذا النموذج خمسة أبعاد أساسية هي : الصلاحية الجسمية ، الرفاهية المادية ، الرفاهية الاجتماعية ، الصلاحية الانفعالية ، النمو والنشاط Felce & Perry,1995)).
    4- ويرى جريلني وجرين برج " أن قيمة الحياة مفهوم متعدد الأبعاد يتضمن إدراك الفرد للرضا عن الحياة، كما تقاس من وجهة نظر الفرد ويطلق عليها قيمة الحياة الذاتية وخصائص الموقف الذي يعيش فيه الفرد والتي يمكن قياسه بصورة موضوعية وهو ما يعرف بقيمة الحياة الموضوعية ( جرينلي وجرينبرج، 1997: 245).

    5- ويؤكد فرانكل Frankle على أن معنى الحياة ليس قاصراً فقط على تحقيق الفرد لذاته، بل يتعدى ذلك في صورة تسام بالذات وتجاوز لها من المألوف إلى الجديد باستمرار. وعلى هذا فإن معنى الحياة يتضمن هدف الفرد من الحياة والقيمة والدلالة من وجوده، ومن خلال إدراك الفرد لمعنى حياته يتولد بداخله الأمل والطموح والحب والتسامي بالذات ، والمسؤولية الاجتماعية تجاه الآخرين والرغبة والحماس لإنجاز الأعمال سعياً وراء تحقيق الأهداف المبتغاة ( طلعت منصور، 1982: 14).

    6- يؤكد سابنجتون ( Sappington) في تعريفه لمعنى الحياة، حيث يرى أن معنى الحياة يتضمن كل ما يتعلق بموضوعات الحياة حتى النفسية منها، فالمعنى يكون موجوداً في اللحظات الفطرية وفي القيم التي يتمثلها الإنسان في الخبرات التي يمر بها ، وفي المهام التي يتعامل معها وفي الاتجاهات التي تتكون لديه .(Sappington,1990)
    استخلاص:
    نلاحظ من التعريفات السابقة أنها تركز على المعنى الايجابي،والنظرة الايجابية للحياة. وكذلك اختلافها في عدد مجالات الحياة ، ووزنها النسبي . ويمكن أن نشتق من التعريفات مفهوم آخر تشمله وهو الرضا عن الحياة .وكذلك فإن القيمة تكون موجودة أيضا في الجانب النفسي من الحياة.

    ويخلص الباحث بالتعريف الإجرائي التالي لقيمة الحياة:" بأنها النزعة إلى تبني مجموعة من الأفكار والأحكام التي تعكس نظرة الفرد إلى الحياة، فيعمل على تطورها أو إضعافها و إفسادها ، وتنقسم قيمة الحياة إلى بعدين أساسيين:
    (أ)البعد الايجابي لقيمة الحياة : وهو ارتفاع الاستجابة لدرجات المقياس لقيمة الحياة ويشير إلى قدرة الفرد على تطوير الحياة والارتقاء بها ونموها.
    (ب)البعد السلبي لقيمة الحياة : وهو انخفاض الاستجابة لدرجات المقياس لقيمة الحياة ويشير إلى عدم قدرة الفرد على تطوير الحياة والارتقاء بها ونموها.

    قيمة الحياة من وجهة نظر العلماء
    يذكر فرانكل أن كون الإنسان إنسانا يعنى أن يواجه معنى وقيماً يجب تحقيقها أى العيش في مجال التوتر القائم بين الواقع والمثاليات التي يتم العمل على تحقيقها ، فالإنسان يعيش بالمثل والقيم ، ولا يكون الوجود الإنساني أصيلاً إلا إذا كان يعايش في ضوء التسامي على الذات (إيمان فوزي ،2001: 67).

    ويقول Jankelvitch أنه ليس من شك في أن كل حديث عن معنى الحياة أو معانيها يفترض سلفاً إمكان التوصل إلى إدراك كنة الحياة ، والوقوف على ( سرها ) – أو أسرارها – ولكن بعض الباحثين – وهم ليسوا بالقلة النادرة – يرون انه ربما كان السر الأوحد في الحياة وهو ليس ثمة سر على الإطلاق.(Jankelvitch,1966)
    هذا يؤكد أن الحياة هي واقع معاشي نحس به ويترك لنا آثار واضحة من خلال قيم ومعان تمتد وتحيا مع الإنسان من المهد إلى اللحد .
    ويقول زكريا إبراهيم " الحق أننا لا نستطيع أن نضع ( معنى الحياة ) بين قوسين لأننا لا نستطيع أن نضع ( الحياة ) نفسها بين قوسين فلم يبق أمامنا سوى أن نعيش الحياة لنقف على معنى الحياة (زكريا إبراهيم ، بدون : 226).
    ويؤكد فرانكلFrankle أن امتلاك القيم يخفف من متاعب بحث الإنسان عن المعنى، لأنها على الأقل في المواقف النموذجية توفر على الإنسان متاعب اتخاذ القرارات(إيمان فوزي،2001: 72).
    إن تمسك الإنسان بهذه الحياة إلى آخر رمق رغم انه يعلم علم اليقين أنه راحل عنها سوى هذه القيم والمعاني الذي يريد استكمالها.

    ويقول كوريCorey " إذا كان الزمن مفتوحاً لنا للأبد لكي نحقق ذواتنا فلا حاجة ملحة لنا للقيام بشئ ، إن طبيعة الحياة المؤقتة تجبرنا على أن نأخذها مأخذ الجد ، وإنكار حقيقة الموت لا يؤدي إلا إلى الحد من إمكانية إثراء الحياة. (Corey – 1982)

    ويؤكد فرانكل Frankleعن تفرد المعنى والقيمة التي يعيش من أجلها الإنسان يستطيع الإنسان أن يكتشف المعنى في سياق إنجاز شخصي ابتكاري ، أو خبرة يندمج فيها الإنسان مع القيم الحق والخير والجمال ، أو حتى مع مكابدة الألم والمعاناة التى لا يمكن تفاديها ، فقد يكون الإنسان صاحب إبداع فني – مثلاً – بحيث تصبح إبداعاته هي محور المعنى في حياته ، وقد يعيش محباً للفن متذوقاً له، أو محباً للعلم ينهل من بحوره ،أو حتى محباً للآخر شخص أو أشخاص فيرتبط معنى الحياة لديه بخبرة الحب أو الشوق للمعرفة . حتى في المواقف التي يحرم فيها الإنسان من قدراته الابتكارية، أو من حاسته الإدراكية، وقدرته على التواصل مع الآخر ، فانه يحتفظ بالقدرة على تحقق المعنى في حياته. ففي مثل تلك اللحظات التي يواجه فيها الإنسان قدره الذي لا يملك له دواءاً يجد الإنسان فرصة أخيرة لتحقيق المعنى – بل لتحقيق أعلى معاني الحياة قيمة وأكثرها عمقاً إلا وهو معنى المعاناة.( Frankl,1973 : 25 )
    ويضيف فرانكل Frankle أن الإنسان لا يستطيع الاحاطة بمعنى الحياة بالشكل المطلق، وان الفرد يستطيع المشاركة في تكوين هذا المعنى المطلق بطرق عدة، وخاصة في اكتساب وتحقيق المعنى الخاص للإنسان " إن معنى الحياة يختلف من شخص لآخر ، وعند الشخص الواحد من يوم ليوم ومن ساعة لأخرى . إذاً فإنما يشغل بالنا ليس هو معنى الحياة بصفة عامة ولكن الذي يهمنا، هو المعنى الخاص للشخص عن الحياة في وقت معين ، لذا ينبغي ألا نبحث عن معنى مجرد للحياة ، فلكل فرد مهمته الخاصة أو رسالته الخاصة في الحياة والتي تفرض عليه مهاماً محددة عليه أن يقوم بتحقيقها (طلعت منصور– 1982 :145 )

    وليس أدل على قيمة ومعنى الحياة وتقدمها من القلق الوجودي.
    حيث تذكر إيمان فوزي أن القلق الوجودي ظاهرة إنسانية مميزة، إنه صميم الوجود الإنساني ومصاحب له مادام الإنسان موجود،وهو ليس ظاهرة مرضية بالضرورة، بل إنه بالأحرى ظاهرة سوية تحفظ للإنسان دافعية للحياة بوصفه إنساناً،وتحفزه دائماً للترقي وبلوغ الهدف تلو الهدف. وأنه الضريبة التي يدفعها الإنسان كي يحتفظ بإنسانيته ويحقق ذلك في صيرورة متصلة، بحيث لا يكتفي أبداً بما تحقق،وإنما يتوجه دائماً بالفكر والفعل نحو ما لم يتحقق بعد .والقلق الوجودي ينطوي بالوعي بزوالية الحياة، فهو ما يعطي قيمة لكل لحظة في حياة الإنسان. فلو امتد العمر بالإنسان لما لا نهاية لما أصبح للعمل أى قيمة . فالوعي بزوالية الحياة هو الذي يعطي للحظة الراهنة أهميتها، وهو ما يجعل من عملية اتخاذ القرار أمراَ حتمياً وواجباً(إيمان فوزي،1992:68-71).

    إن القلق الوجودي ليس مجرد دليل على مقاومة الوجود اللاوجودي وحسب، وإنما هو دافع أصيل لتوكيد الوجود وإثراء الكينونة من خلال النشاط الايجابي للحياة(إيمان فوزي ،1992: 31).

    حتى أن اليرمانEllerman طور فنيات علاجية، لتوظيف القلق الوجودي بهدف إيقاظ تقدير الحياة وإحياء الوعي بقيمة اللحظة الحاضرة والمستقبل. مما يؤدي إلى تقدير تنشيط التقدير الواقعي للوقت الضائع ولعرض الحياة والأهمية تحديد الأهداف القابلة للتحقيق (Ellerman,1999).
    وترى إيمان فوزي أن القلق الوجودي من أهم ايجابيات الوجود الإنساني، وأن حضور القلق لا غيابه هو الأجدى من أجل الوجود الإنساني الثري ، ورغم ما ينطوي عليه من ألم ومعاناة فانه يدل على تمسك الإنسان بحياة ذات معنى وقيمة (إيمان فوزي، 2002 :66).

    وقد اعتبر كيركجاردKirdegaard أن القلق الوجودي هو أفضل معلم للإنسان، لأنه يستبقي في وعيه ديمومة التهديد باللاوجود والعدم ، وهذا هو ما يدفع الإنسان دائما كي يسعى لتوكيد ذاته في مواجهة ذلك العدم . وهذا السعي الذي لا يتوقف يتضمن استكشاف الإنسان لذاته ومحاولاته لدعم امكاناته وقدراته ، ويتضمن أيضا استكشاف عالمه الذي يحي فيه وبه ، وفي سياق من هذا الاستكشاف والاكتشاف بنى الإنسان حضارته ، وصاغ إنجازاته الحضارية في ضوء الحوار بين معطيات وجوده الخاص كإنسان فرد Eigenwelt ، ووجوده مع الآخرين وعلاقاته بهم Mitwelt . ومحصلة هذا الوجود بالنسبة للإنسان هي خبرة الوجود في العالم Bring - in- the- world بكل ما تحمله من ثراء وخصوبة وإمكانيات منفتحة للتطور والنمو الدائم ( Kirkegaard, 1957).
    ويستطرد زكريا إبراهيم بقوله: لو تسائلنا عن السبب الذي من أجله يتمسك كل منا بالحياة إلى هذا الحد ويعز عليه أن يفارق الحياة وكأنها قد أصبحت في نظره كل شئ، لوجدنا أن السر في ذلك هو انه ما تزال لدى كل منا رغبة عميقة لم يتم إشباعها بعد، ومن أجل ما سنعمل نحن على تحقيقه في المستقبل وليس اندفاعنا نحو المستقبل سوى مجرد تعبير عن نزوعنا نحو " القيم " من أجل العمل على إثراء حياتنا وتوسيع رقعة واقعنا (زكريا إبراهيم ، بدون: 228-229).

    لقد أشار فرانكل Frankl ( 1986 ) إلى أن الفرد الذي تمتلئ حياته بالمعنى والأهداف يجد من الطاقة الدافعية ما يجعله يؤمن بجدوى الحياة وما يعينه على تحمل الصعاب والمعاناة Frankle,1986)).

    يرى سارترSarter أن معطيات العالم الخارجي قليلة المعنى أو أنها بلا معنى بالنسبة للإنسان، وأن الإنسان هو الذي يعطي لحياته وجهة ومعنى ، وهو الذي يتحمل مسئولية قراراته وأفعاله .
    ونجد الإسلام يحث على الاهتمام بأمور الدنيا وعدم البعد والعزوف عنها ويحث على الأخذ منها مما تزيدها قيمة وأهمية وليس أدل على ذلك من حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – " اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك " وكذلك قوله عليه السلام: " ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة، ولا الآخرة للدنيا، ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه " وقد روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم دعاء مشهور يقول فيه : " اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر. (رواه مسلم ).


    هدف الحياة عند الوجوديين:
    حددت مدرسة ( إحياء المعنى ) المعنى هدف الوجود ومؤسسها فرانكل ،بعض المقاصد للحياة هي :-
    1-المعنى هو ما يتفق عليه أكثر من واحد لتأدية وظيفة توازنية تواصلية بينهم، وهو يحمل عادة كل رمز لفظي يسمى الكلمة ، ولكن له معابر أخرى حركية وغير لفظية .
    2- المعنى هو تطابق الإدراك مع الموضوع.
    3-المعنى هو تناسب الكلمة مع السلوك المرتبط بها تناسبياً مطابقاً لا يزيد عنها ولا تزيد عنه .
    4-المعنى هو تناسب الفعل مع الوعي مع الغاية المرتبطة بهما(يحيى الرخاوي،1979: 534)
    الملاحظ أن المعنى يشمل التوازن والتواصل والموضوعية معاً.
    ويرى بوهارت Bohartأن الإنسان أشبه ما يكون بالنهر الجاري، له ماهية ولكنه دائم التغيير من لحظة لأخرى ومن مكان لآخر من منبعه حتى مصبه، وفي هذا تأكيد على أن أحداث الطفولة لا تظل هي المؤثرة في حياة الراشد ،إلا إذا اختار هو أن يخضع لتأثيرها ولو بطريقة لا شعورية ، وأن الشخصية ليست بناء داخلي يتمدد مرة للأبد. وإنما هي بناء يحافظ الإنسان عليه ويعدل فيه ويضيف إليه باختياراته المستمرة وبذلك لا يتوقف نمو الإنسان عند مرحلة معينة، وإنما يستمر مدى حياته ينمو ويتطور(( Bohart,1986.

    و يرى إبراهيم عيد (2001) أن من أهم إضافات التيار الإنساني في علم النفس تجاوزه للحتمية Determins سواء كانت حتمية سلوكية آلية أم لا شعورية ولهذا ركز علماء هذا التيار مثل " جولد شتين Goldstinen ، وماى May ، فرانكل Frankl ، وماسلو Maslow .جل اهتمامهم على الجوانب المضيئة في صلب تكوين الإنسان والتي يتمثل بعضها في المعنى والاستمرارية والقيمة والانسلاخ من حتمية الماضي والنزوع صوب المستقبل .

    ولهذا استفاد علماء النفس الإنسانيين من كتابات سارتر Sarter 1967 وكاموس Camus 1969 عن اللامعنى والعبث في الوجود حيث يرى سارتر أن اللامعنى هو العبث الذي يعرفه بأنه: كل ما ليس له معنى ،ويستند هذا التعريف على ما يعتقده سارتر من أن الحياة تمضي بغير معنى ، وإنها عبث ، وان العبث هو فقدان المعنى ، معنى أي شئ والمعنى في الحياة بدافع من الضرورة وان كل شئ جائز وان الحياة في حقيقتها تافهة وإننا نحن الذين نجعل لها قيمة (إبراهيم عيد ،2001 : 275).

    ويضيف إبراهيم عيد " 1990 " معنى الحياة بأنه شعور الفرد بان حياته لها قيمة ودلالة ومغزى ومعقولية . أما فقدان المعنى من الحياة فهو بمعنى الوقوع في اسر ما يسميه فرانكل الفراغ الوجودي. وهو حالة من الملل والسأم يشعر من يخبرها بان الحياة تمضي بغير معنى أو هدف وان حياته راكدة مملة وبغير معنى (إبراهيم عيد، 1999 : 16).

    ولقد عبر فرانكل عن الفراغ بخلو الحياة من المعنى والهدف مما يفقدها كل قيمة بالنسبة للإنسان أى انه يفقد المعنى والتوجيه نحو غابة فلا يجد في حياته ما يستحق أن يحياها من أجله (فرانكل، ترجمة طلعت منصور، 1982: 75).

    ويلاحظ الباحث الحالي أن ما يترتب على وجود المعنى وما يترتب على فقدانه حيث أن وجود معنى الحياة لدى الفرد يمثل أهمية كبيرة في حياته وحيث يمنحه القيمة والدلالة والقوة في حياته ، أما فقدان المعنى لدى الفرد فهو يجعل حياته راكدة مملة وبغير هدف وعديمة القيمة والفائدة ، قد يسعى للتخلص منها عند أقل تأثير نفسي أو مادي .

    ويقول فرانكل ، 1982 لكل فرد مهنته الخاصة أو رسالته الخاصة في الحياة التى تفرض عليه مهاماً محددة عليه أن يقوم بتحقيقها(طلعت منصور،1982 :145).

    ويجب التفريق بين المعنى الكلي للحياة ومعنى الحياة على المستوى الفردي والشخصي. فالأول يتضمن النظرة الشاملة للكون والوجود بما فيه من علاقات وصرا عات بين الموجودات وبعضها البعض . والآخر يتضمن المعنى الخاص والفريد لذات الفرد والقيمة والدلالة من وجوده.

    وقد فرق أرفين يالوم Yalom بين المفهومين على أساس أن الأول يختص بالمعنى المطلق للحياة، والنظام العام للكون ويصطبغ بالروحانيات والأفكار التي يؤمن بها أصحاب الاتجاهات الدينية. في حين يتضمن المفهوم الثاني تصور الإنسان ( الفرد ) للغرض الذي يجب عليه أن يسعى لتحقيقه خلال حياته أو الرسالة التي يتحملها أو القضية التي يتبناها Yalom,1980:423). )
    ويؤكد يالوم أن افتقاد المعنى والهدف من الحياة، يؤديان إلى مستوى صحة نفسية منخفضة، وبأن هذا الشعور المنخفضة بالمعنى والهدف من الحياة يؤدي إلى كثير من الاكتئاب، والى حالات نفسية سيئة عند الأفراد، وهذه الحالات غالباً ما تزيد عند هؤلاء الذين يشعرون بالإحباط والاستسلام Yalom,1980:31)).
    وقد ميز فرانكل ( 1982 ) أيضا بين المفهومين السابقين على نفس الأساس تقريباً، ولكنه ركز معظم اهتمامه على المعنى الفردي للحياة، وذلك رغم تأكيده على أن هذا المعنى الفردي مرتبط بطريقة أو بأخرى بالمعنى المطلق للحياة، فالمعنى الحقيقي للحياة إنما يوجد في العالم الخارجي أكثر ما هو في داخل الإنسان أو في تكوينه النفسي ذاته، كما لو أننا في نظام مغلق. ومعنى هذه العبارة أن الهدف الحقيقي للوجود الإنساني لا يمكن أن يوجد فيما يسمى بتحقيق الذات ، فالوجود الإنساني هو بالضرورة تسامي الذات وتجاوز لها أكثر من أن يكون تحقيقاً للذات( طلعت منصور، 1982 : 147).

    ويؤكد فرانكل على أن معنى الحياة ليس قاصراً فقط على تحقيق الفرد لذاته، بل يتعدى ذلك في صورة تسام بالذات وتجاوز لها من المألوف إلى الجديد باستمرار. وعلى هذا فان معنى الحياة يتضمن هدف الفرد من الحياة والقيمة والدلالة من وجوده، ومن خلال إدراك الفرد لمعنى حياته يتولد بداخله الأمل والطموح، والحب، والتسامي بالذات، والمسؤولية الاجتماعية تجاه الآخرين، والرغبة، والحماس لإنجاز الأعمال سعياً وراء تحقيق الأهداف المبتغاة (فرانكل،ترجمة طلعت منصور،1982: 154).

    يؤكد سليمان و فوزي أن الحياة تحتفظ دائماً بالمعنى سواء أمن الإنسان بوجوده على نحو سبق ووجه جهوده لاكتشاف المعنى الخاص به ، أو اعتبره أن معنى الحياة هو نتاج لجهوده وكرس حياته لصناعة هذا المعنى ، فان قيمة الحياة ترتفع على تمسك الإنسان بهذا المعنى الخاص الذي أصبح يهيئ له أقوى الدوافع للحياة على مستوى إنساني ايجابي وفعال (عبد الرحمن سليمان،إيمان فوزي:1999: 1043).

    ومعنى الحياة هو معنى عام وشامل يرتبط ويتعلق بكل موضوعات الحياة ويؤكد ذلك سابنجتون ( Sappington,et al, 1990) في تعريفه لمعنى الحياة حيث يرى أن: معنى الحياة يتضمن كل ما يتعلق بموضوعات الحياة حتى النفسية منها، فالمعنى يكون موجوداً في اللحظات الفطرية وفي القيم التي بتمثلها الإنسان في الخبرات التي يمر بها،وفي المهام التي يتعامل معها وفي الاتجاهات التي تتكون لديه .(Sappington.& Oden,1990:131)
    ويتضح من هذا التعريف السابق لمعنى الحياة أن معنى الحياة يوجد في كل موضوعات الحياة التى تتعلق وترتبط بالفرد، ولا يستطيع الإنسان أن يحيا أو يعيش بدون أن يكون لحياته معنى، سواء كان هذا ايجابياً فاعلاً يدفع بصاحبه إلى الأمام من خلال تحقيق الذات عن طريق رسم الأهداف، والسعي الدؤوب لإنجازها، أو كان هذا المعنى سلبي يدفع صاحبه إلى الفشل والاكتئاب وبالتالي إلى تدن الذات، ومن ثم يشعر الإنسان باللامعنى في حياته .

    ويرى الباحث أن وهناك مفهوم آخر يتعلق بمعنى وقيمة الحياة ألا وهو نوعية الحياة : حيث انه يتضمن الإشباع المادي للحاجات الأساسية، والإشباع المعنوي الذي يحقق التوافق النفسي للفرد عبر تحقيقه لذاته ، ومعنى هذا يوجد قيمة اتفاقه بين معنى الحياة ونوعية الحياة في أن كل منهما يحقق الإشباع المعنوي للفرد .

    ويقول أرون Erwin أن مفهوم نوعية الحياة Quality of life يدخل ضمن دائرة المعنى من الحياة، حيث يقول ايروين سولومون (Solomon, 1980) أن منظمة اليونسكو اعتبرته مفهوماً شاملاً يضم كل جوانب الحياة كما يدركها الأفراد، وهو يتسع ليشمل الإشباع المادي للحاجات الأساسية أو الإشباع المعنوي الذي يحقق للفرد عبر تحقيقه لذاته ، وعلى ذلك نوعية الحياة لها ظروف موضوعية ومكونات ذاتية
    1980) (Solomon,

    وتشير إليه هناء الجوهري ( 1994 ) من ناحية إجرائية فترى انه يهدف إلى إشباع الحاجات الأساسية للأفراد الذين يعيشون في نطاق هذه الحياة، بحيث يمكن قياس هذا الإشباع بمؤشرات موضوعية تقيس القيم المتدفقة ، وبمؤثرات تقيس قدر الإشباع الذي تحقق(هناء الجوهري , 1994: 246).
    ويرى فايرستون أن تنامي الذات وتحسن نوعية الحياة يمكن أن يصبحا مصدراً للقلق الوجودي في حد ذاتها ، حيث يعي الإنسان ما يمكن أن يفقده في حال تحقق تهديد اللاوجود حياة أكثر معنى وقيمة. ( Firestone,1993)

    ويؤكد فرانكل أن المعنى لا يأتي من تلقاء نفسه في الواقع، ولكنه يكتشف من خلال عملية بحث دءوب تنقل فيها القيم عبر التقاليد. ولهذا فان المعاني المتميزة والمتفردة هي اكتشاف شخص يجب أن يسعى إليه الفرد ويكتشفه(فرانكل: 1998: 38).

    وفي ضوء ما سبق يرى فرانكل أن معنى الحياة بهذه الصورة متاح للفرد في كل جوانب الحياة، وفي جميع الأحوال، وأنه الباعث وراء السلوك وبالتالي فهو يراه من دوافع السلوك الايجابية للفرد .
    ويشير فرانكل إلى هذا أن المعنى يتغير دائما لكنه لا يتوقف ابدأ عن أن يكون موجوداً وفقاً للعلاج بالمعنى تستطيع اكتشاف هذا المعنى في الحياة بثلاث طرق :-
    1- بواسطة الإتيان بفعل أو عمل .
    2- بواسطة أن تخبر قيمة من القيم .
    3- بواسطة أن نعيش حالة من المعاناة .(فرانكل،ترجمة طلعت منصور 1982: 48).
    وعلى هذا لا يوجد شئ في الدنيا يمكن أن يساعد الإنسان بفعالية على البقاء حتى في أسوأ الظروف معرفته بان هناك هدفاً في حياته (طلعت منصور، 1982 : 139).

    ويرى الباحث أن هذا يوضح لنا أهمية وقيمة المعنى في الحياة للإنسان، حيث يمنحه القوة ويساعد على الاستمرار في الحياة، واجتياز الظروف الصعبة التي تواجهه عبر رحلة حياته. وعليه يمكن القول أن هذا المعنى بالنسبة لكل فرد على حده. حيث نرى أن المعنى لا يمكن تقديمه وان المعالج يجب أن يتجنب محاولة فرض معنى معين على المريض، فالإنسان يجب أن يكتشف معنى حياته بمجهوده الخاص ومن منظوره المتفرد.

    ويتفق يالوم ( Yalom ) مع فرانكل في فكرة أن المعنى لا يقدم حيث لا يمكن أن يهدي الإنسان لإنسان آخر معنى حياته، لأن في هذا إهدار لخصوصية هذا المعنى لكنه يختلف مع فرانكل فيما يتعلق باكتشاف المعنى، حيث يقرر فرانكل أن الإنسان لا يستطيع أن يخترع معنى حياته وإنما عليه أن يكتشفه.ويقوم نقد (يالوم)على أن الافتقار على مهمة اكتشاف المعنى. وهنا يؤكد (يالوم) على الحرية المطلقة للإنسان في تشكيل معنى حياته ، وبذلك يصبح من الضروري أن يبتكر الإنسان المعنى الخاص به ، لا أن يكتشف المعنى المهيأ له سلفاً ، عندئذ عليه أن يلتزم به ويكرس حياته من اجل تحقيق هذا المبدأ أو المعنى
    Yalom,1980:431-432). )
    ولكي نفهم المعنى الحقيقي للحياة، يجب علينا أن نعرف الطرف النقيض لمعنى الحياة وهو حالة اللامعني التي قد يتعرض لها بعض الأشخاص خلال رحلة حياتهم.

    ويوضح فرانكل في قوله: أن ظاهرة خواء الحياة من المعنى تتزايد وتنتشر بصور كثيفة وان إعداد المرضى الذين يعانون من نقص المعنى، والفرص في الحياة تتزايد يوماً بعد يوم ، إلى الحد الذي يمكن معه أن تعتبر أن شكوى اللامعنى هي الأكثر إلحاحاً والأعلى في معدلاتها بين المرضى المترددين على العيادات النفسية (فرانكل, 1998 :101).

    ويعرف معوض اللامعنى لدى الإنسان بأنها حالة ذاتية من السأم واللامبالاة والفراغ ، حيث يشعر الفرد فيها بالتشاؤم والشك في الدوافع البشرية ، والتساؤل عن قيمة معظم أنشطة الحياة،والإحساس بعدم القيمة في الحياة (محمد معوض, 1998: 329 )

    ويؤكد إبراهيم عيد أن اللامعنى: يتضمن شعور الفرد بان حياته لا معنى لها وأنها تسير وفق منطق غير معقول، ومن ثم يشعر المغترب أن حياته عبث لا جدوى منها، فيفقد واقعيته ويحيا نهباً لمشاعر اللامبالاة والفراغ الوجودي(إبراهيم عيد, 1990: 29).

    كما أن فقدان المعنى من الحياة ينجم أيضاً عن فقدان الآباء والأمهات لأبنائهم أثناء الحروب والنكبات. هذا ما أكده فيكتور فيلورين Florian الذي أكد أن الآباء والأمهات الذين فقدوا أبنائهم في الخدمة العسكرية، كان المعنى والهدف من الحياة لديهم منخفض و سئ للغاية، بالمقارنة بغيرهم من الآباء والأمهات الذين لم يفقدوا أبناءهم. وأن هؤلاء فقدوا أبناءهم في الحروب كانت حياتهم النفسية سيئة ومتدهورة ويعانون من إحساس وصفه فرانكل بالفراغ الوجودي وذلك مقارنة بالآخرين الذين لم يفقدوا أبناءهم .


    وهذا الإحساس يفقدان المعنى والهدف لهؤلاء الناس في شتى مجالات الحياة لا يتوقف فقط على حياتهم الحاضرة بل يمتد ليشمل المستقبل أيضا لديهم(Flarin,1989).

    وهذا يوضح لنا انه كلما انخفض المعنى والهدف من الحياة عند الأفراد كلما تدهورت وساءت حالتهم النفسية، وأثر ذلك على حياتهم المستقبلية. وهذا الشعور بانعدام المعنى من الحياة يجعل حياة الفرد ليس لها قيمة أو دلالة، وقد تسيطر عليه وتراوده أحيانا من آن لآخر فكرة الانتحار والتخلص من الحياة، التي لا يشعر فيها هدفاً ولا معنى ولا قيمة تتطلب وجوده وبقاءه منها.

    وقد أشار كرومياخ وماهوليك Maholick & Crumbaugh أنه حينما يعتقد الفرد بأنه عديم القيمة وليس له هدف يعيش من أجله ولا قيمة في حياته، فإنه من المؤكد أن يصبح عرضة للعديد من الاضطرابات النفسية كالاكتئاب ، والقلق ،... مما قد يصل به لدرجة التفكير في الانتحار أو القيام به بالفعل .وأن النقص في هدف الحياة يكون مسبباً للاكتئاب .(Crumtaugh & Maholick,1964)

    كما أكدت نيل Neely))على أن الفشل في اكتشاف الهدف والقيمة من الحياة لدى الفرد يؤدي إلى ما يسمى بالثالوث العصبي العدوانية والاكتئاب والإدمان.(Neely,1989)

    ويعرف أولف (Olive) فقدان المعنى أو انعدامه، إلى إدمان المخدرات والممارسات الجنسية غير الشرعية. حيث يرى أن المخدرات تبعث معنى زائفاً للحياة مغايراً للمعنى الحقيقي، وان تعاطي المخدرات والممارسات الجنسية الغير شرعية ومعاقرة الكحوليات أصبحت جميعاً طرقاً لتعايش حياة غير حقيقته في مواجهة الألم، ومن ثم يشعر الفرد بالعجز والقلق الوجودي وفقدان المعنى(Olive k,1990) .

    وقد أشارت دراسة سايلسSayles)) أن الطلاب منخفضي الهدف والقيمة والمعنى في الحياة أكثر ميلاً للسلوكيات المنحرفة مثل : تعاطي المخدرات والعنف من الطلاب مرتفعي الهدف والقيمة والمعنى في الحياة .(Sayles, 1994)

    ويؤكد ساهاكيان (Sahakian) على قيمة وجود المعنى في حياة الإنسان بقوله: أن المعنى موجود دائماً وفي كل مكان، حتى في المعاناة، والنوع الوحيد من المعاناة الذي لا يمكن احتماله هو الذي يبدو بلا معنى ، فإذا لم تستطيع أن تفهم أسباب معاناتك لم تتمكن من احتمالهما، أن التعاسة في حد ذاتها ليس شيئاً لا يمكن تحمله. ولكن غياب المعنى هو الذي لا نحتمله، والمعاناة التي لا يمكن أن تتحول إلى خبرة ذات معنى لا تصبح شيئاً يمكن احتماله وحسب، ولكن تصبح شيئاً مثيراً للهم وروح التحدي فإذا كان لديك معنى للحياة فلن يكون هناك شئ في الحياة لا يمكن عليه ولن تكون هناك معاناة لا يمكن احتمالها Sahakian, 1998)).

    ويتفق معه بيولكاBulka الذي يؤكد أيضاً على أهمية وحتمية وجود المعنى عند الفرد في كافة الأحوال والظروف التي يمر بها طوال رحلة حياته، حيث يرى الحياة ذات معنى تام وغير مشروط، وهى لا تتوقف على أن تدرك هذا المعنى في كافة الأحوال والشروط حتى آخر لحظة فيهاBulka, 1979) ).

    ويؤكد سوك وآخرون Sook et al,1994)) أن مفهوم فرانكل عن معنى الحياة يلقي أهمية رئيسية للسيكولوجية الوجودية التقليدية. حيث تمارس تأثيرها حالياً على الاتجاه السائد في علم النفس عن طريق التأكيد أو الإصرار على أن وجود هدف في الحياة يعد ضرورياً من أجل صحة نفسية جيدة . هذا وقد وحد كل من كوليمانColeman وكابلان Kaplan ودونج Downing (1986) فرانكل (1998) ولايوفي Labouvie (1992) وشن Chean وفيشتمان Fechtmann (1971 ) علاقات واضحة بين سوء استخدام الأفراد للكحوليات والمخدرات وغيبة المعنى والهدف والقيمة من الحياة والشعور بالعجز.
    (Sook Jeong et al , 1994)

    أما سابنجتون Sappingtion يرى أن طريقة فرانكل ( منح العالم ( Giving The world ) والأخذ من العالم والتي عقد إحدى تقنيات العلاج بالمعنى فعالة في زيادة الهدف من الحياة. حتى رأوا أن نظرية فرانكل أداة أكثر نفعاً كنظرية علمية كما كان متعارف عليه ويتفق ( سانجتون ) مع اقتراح فرانكل بان التربية يجب أن تعد الناس لإيجاد معنى الحياة كما يقوم بذلك الطب النفسي .(SappingTon A . J,1990:20)

    وترى إيمان فوزي أن مدرسة العلاج بالمعنى logotherapy الذي أسسها فيكتور فرانكل، من أبرز الاتجاهات في هذا المجال فهو وضع ما أسماه مبدأ إرادة المعنى Will to meaning الذي يقرر أن معنى الحياة لدى كل إنسان هو الذي يجعل من السعي الدؤوب، وتحمل المعاناة، شيئاً يرفع من قيمة الحياة ويجعلها تستحق أن تعاش، فالسعي الرئيسي للإنسان هو تحقيق المعنى في الحياة (إيمان فوزي : 1998 : 3-4).

    ومن خلال ما سبق يرى الباحث الحالي أن معنى وقيمة الحياة تعتبر أهم عامل من عوامل النجاح، والتقدم، والازدهار على المستوى الفردي والجماعي لأي مجتمع متقدم، أو أي مجتمع يصبو إلى الرقي وشق طريقه للأمام، وهو يعد بمثابة حافزاً أو مثيراً أو باعثاً للإنسان، يدفعه على الاستمرار والبقاء في الحياة. حتى في أصعب الظروف والأزمات، التي قد تتمثل في المعاناة والمتاعب والمشاق التي قد يتعرض لها الفرد خلال حياته . ومن هذا المنطلق تنبع أهمية أن يكون لكل فرد هدف أو معنى في الحياة ، يستحق أن يعيش من أجله ويتحمل في سبيل تحقيقه الكثير والكثير من الآلام والتضحيات، حتى يصل في النهاية إلى ما ينشده ويتمناه من حياته ، التي وهبها الله له، لكي يعد بها وتكون له ركوب ومطية للوصول إلى السعادة الأبدية .
    [/center[/
    صقر الصحراء
    صقر الصحراء
    عضو ذهبـي
    عضو ذهبـي


    المشاركــــــــــات : 447
    عــدد النــقـــــــاط : 26777
    السُمعـــــــــــــــة : 0
    العــــــمــــــــــــر : 27
    الجــــنــــــــــــس : ذكر
    تاريخ التسجيـــــل : 01/01/2010

    قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء Empty رد: قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء

    مُساهمة من طرف صقر الصحراء الأحد 4 أبريل 2010 - 14:30

    كفيت ووفيت أخوي

    تسلم وماقصرت
    GeNeRaL
    GeNeRaL
    عضو فضـي
    عضو فضـي


    المشاركــــــــــات : 252
    عــدد النــقـــــــاط : 26451
    السُمعـــــــــــــــة : 0
    العــــــمــــــــــــر : 28
    الجــــنــــــــــــس : ذكر
    تاريخ التسجيـــــل : 06/02/2010

    قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء Empty رد: قيمة الحياة وعلاقتها بالاتجاه نحو التحديث دراسة مقارنة بين الآباء والأبناء

    مُساهمة من طرف GeNeRaL الأحد 4 أبريل 2010 - 22:22

    شكرا على المرور

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 20 مايو 2024 - 0:39